التقدم التكنولوجي
في السنوات الأخيرة تخطى كل حدود الخيال وأتاح للجميع الكثير من المعرفة
ومشاركة الخبرات دون الحاجة الى التواجد في أماكن الأحداث. وهناك اتجاه
مؤخراُ لتطبيق استخدام أحدث ما قدمته التكنولوجيا في الفصول الدراسية حتى
يتمكن الطلبة من الحصول على خبرات لم يكن من المتاح الحصول عليها من قبل
خلال التواجد في الفصول الدراسية. فقد أصبح من السهل الآن على الطلبة
الذهاب في الجولات الافتراضية الى بعض المتاحف الأكثر شهرة في العالم،
دراسة أعماق البحار وجغرافيا المناطق المختلفة من العالم والتحاور مع
الباحثين في أي جزء من العالم من خلال الشات Chat، كل هذا وأكثر من داخل
صفوفهم. مما يوفر عناء الرحلات ويعفي الأهل من مخاوفهم على الأبناء خلال
هذه الرحلات. إنه عالم كبير جداً ومجال يتسع لتعلم الكثير، ولكن قد يكون
هناك بعض الأشياء التي تحتاج إلى إعادة نظر.
تقول الأخصائية
النفسية باتريشا فاريل الحاصلة على دكتوراه في المنح الدراسية، أنه في
أثناء حضورها لإحدى الحلقات الدراسية عن التعليم، تم طرح سؤالين غاية في
الأهمية وهما ما الذي يستحق التعلم؟ وكيف نعرف أن الطلاب يتعلمون ما يستحق
التعلم؟ ومن ضمن الوسائل التعليمية الحديثة المتعلقة بهذا الموضوع تم طرح
مسألة استخدام الآي باد ipad في الفصول الدراسية وتأثيرها على الطالب وخاصة من الناحية النفسية.
توفر العديد من الجمعيات الخيرية أجهزة اللابتوب Laptop و الآي باد ipad للأساتذة
في المدارس لاستخدامه في تطبيقات الدراسة. ولكن، بالطبع لا يمكن توفير
جهازًا لكل طالب بل يوجد في كل فصل جهاز أو جهازين على الأكثر يحاول المعلم
اشراك كل الطلبة في استخدامه. أيضاً لا تتوافر الامكانات المادية لدى
الطلبه جميعهم لشراء أجهزة خاصة. فما هو تأثير ذلك على الطفل وعلى نظرته
لوالديه وللعالم من حوله؟ قد يتسبب هذا في دخول الطفل في دوامة من
التساؤلات الداخلية بينه وبين نفسه، وعادة ما تفضي هذه التساؤلات الى
تعقيدات نفسية تؤثر على الطفل بطريقة سلبية.
يرى المحاضر في هذه
الندوة أن على قدر ما يقدمه الآي باد من اضافة كبيرة الى الطلاب والى مجال
التعليم بصفة عامه، ولكنه أدى الى وقف التعاون ما بين الطلبة في النشاطات
والأبحاث الدراسية. في حين أنه يرى أن التعاون ما بين الطلبه يتيح لهم
تبادل المعارف وتعلم كيفية التعامل مع بعضهم البعض. كما أنه من الأفضل
الانفاق على تثقيف المعلم والرقي بمستواه الثقافي والفكري، فهذا هو الطريق
الأساسي لتحسين مستوى الطالب. فالمعلم لديه القدرة على تغيير طريقة عرض
المادة التعليمية بما يتناسب مع الطلبة كما أن لديه القدرة على تقييم كل
طالب على حدى وتحديد كيفية التعامل معه وتوصيل المعلومة بطريقة تتناسب مع
طبيعة الطالب. على عكس برمجيات الأجهزة التي لا تقدم سوى ما تم ادخاله
اليها من بيانات وبطريقة واحدة قد تتناسب مع بعض الطلبة دون غيرهم.
الأمر لا يتعلق بكم
التكنولوجيا الذي يجب ان يصل الى المدارس لمجرد ان تواكب المدارس احدث
التطورات. ولكنه يتعلق بكم التكنولوجيا الذي سوف يُفيد بالفعل في تحسين
المناهج الدراسية. فالبرمجيات تكون ذات فائدة فقط اذا تم استخدامها لتأدية
مهمة محددة، أما غير ذلك فقد تكون البرمجية متاحة امام الطالب ولا يتمكن من
الاستفادة منها. والمقصود من ذلك هو البحث عن برمجيات موجهة لتأدية مهام
معينة تُفيد الطالب في دراسته وإلا سيكون تواجد الآي باد أو غيره من وسائل
التكنولوجيا مجرد روتين آخر لا يستفيد من وجوده الطالب.
هذا لا يعني أن
التخلي عن التكنولوجيا والعودة الى الوراء هو المقصود من الكلام السابق.
فالتكنولوجيا شيء رائع ويجب الاستفادة منها قدر المستطاع. ولكن، يجب أن
يكون تعلم التكنولوجيا جنباً الى جنب مع تعلم الأساسيات مثل تعلم الكتابة
باستخدام الأقلام والأوراق، تعلم قص الأوراق للحصول على رسومات وغيرها من
المهارات اليدوية، فالتكنولوجيا في النهاية لا تستطيع فعل كل شيء. والتوقف
عن اعطاء الأطفال مهام تتطلب التفكير واستخدام المهارات اليدوية يؤدي الى
تأخر النمو الفكري والإبداعي للأطفال.